تشهد الساحة العراقية هذه الأيام عرساً انتخابيا يتمثل في الاستعدادات للانتخابات البرلمانية المزمع أجراءها 7/3/2010 وقد انتهى أغلب المرشحين من تعليق دعاياتهم وصورهم على جدران الابنية وأعمدة الكهرباء، ويتطلع المواطن العراقي الى الانتخابات البرلمانية القادمة بقلب يعتصره الالم والملل من حالة التهميش والاهمال في الخدمات والنزول الى معاناتهم, بأستثناء الايام التي تسبق الانتخابات حيث يشعر المواطن أن حضرته قد ملئت من قبل المرشحين بتقديم الوعود والعهود وبعض المساعدات العينية والمالية.
وعلى الرغم من المشاركة التي يبديها الناخب العراقي بأستعداده للمشاركة في هذه الانتخابات هي مشاركة إيجابية مقياس بحجم الاحباط الذي يمتلئ نفسية وشعور الناخب العراقي. إلا أن ما يثير هواجس الناخب ويبعث الاسى في نفسه هو ظاهرة تمزيق صور ودعايات المرشحين في وضح النهار وقد يتساوى الكثير من المرشحين بتلك المعركة الخطيرة التي تؤسس الى تنشئة سلبية في عقول الاجيال وتخلق فتنة سياسية توقد الى حرب حقيقية. والاكثر أستغراباً تنفذ تلك المعركة " تمزيق صور المرشحين" بأيادي الاطفال والذي يخطط لها هم كبار الرجال من الساسة, وممارسة هذا السلوك هو سلوك غير ديمقراطية وغير حضاري ولا ينمي عن وعي أنتخابي سليم.
وان هذه المعركة بيد الاطفال ليست عشوائية وانما منظمة ومخطط لها مسبقاً ومن الممكن ان تقف وراءها جهات واحزاب منافسة أو خارج اللعبة الأنتخابية تسعى لخلق حالة أرباك وتشويش في أختيار الناخب للمرشح أولتحقيق أهداف معينة وهي أسقاط الخصوم السياسيين خارج دائرة القرار. وهذه المعركة تعتبر احدى أهم الخروقات التي حذرت منها المفوضية المستقلة للانتخابات, وكذلك حذرت منها جهات سياسية مختلفة. وعلى السلطات الامنية بذل كافة الجهود لرصد ومواجهة مثل هذه الخروقات التي تسيء لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية. ومن خلال تصريحات المراقبين ومكاتب المفوضيات في بغداد والمحافظات تم رصد لعبة تمزيق الملصقات الانتخابية. وفيما أعلنت شبكة شمس لمراقبة الانتخابات بأنها رصدت توزيع أموال على الاطفال من قبل المرشحين أوالعاملين في حملاتهم الانتخابية بهدف تعليق ملصقاتهم وتمزيق ملصقات لمرشحين آخرين.
وقد تعرضت الكثير من الدعايات والصور الى حملة منظمة من قبل جهات مجهولة وهي سياسية بالتأكيد لصور ودعايات رئيس الوزراء نوري المالكي في الرمادي وفي الديوانية كما تعرضت صور لمرشحين آخرين الى نفس الاسلوب, في العبث والتطاول على حقوق الاخرين. وقد شدد رئيس الوزراء على فرض عقوبات صارمة تجاه الكيانات التي تخطط وتدفع الاموال للاطفال لكي يعبثو ويلعبو في دعايات المرشحين. وكذلك تصريحات عدنان الباججي حول تمزيق الدعايات وأتهامه لجهات سياسية لم يسميها. وقد شكلت في المحافظات لجان سرية لمراقبة تمزيق الدعايات لانها ظاهرة مخلة بالمسؤلية وبالذوق العام وبالشرف المهني للعمل السياسي والتنافس النزيه.
أن لعبة تمزيق الدعايات والصور للمرشحين هو تعبير عن حالة عنف أنتخابي وأفلاس سياسي لدى البعض ومؤشر كبير في ضعف الثقافة الانتخابية , وعدم أحترام نظم وقواعد الدعاية الانتخابية من قبل بعض الكيانات السياسية. فالبعض يعتقد بانه من خلال معركة تمزيق وتشويه صور ودعايات المرشحين والاحزاب يمكن ان تساهم في اضعاف وأفشال الكيانات المنافسة في العملية الانتخابية. وأن هذه الممارسات تنتج سلوك منحرف ينعكس على سايكلوجية الطفل وينمي فيه روح الكراهية والانتقام. وتخلق لديه فهم مشوه للواقع السياسي والأجتماعي نتيجة لتلك المؤشرات الخطيرة التي تساهم في تفكيك المجتمع العراقي. وتترك تلك السلوكيات تداعيات مهولة على نفسية الفرد السياسي العراقي في ممارسة العمل الجماعي الديمقراطي, كما تؤثر تلك الازمة على السلوك السياسي للاحزاب والقيادات السياسية والجماعات .
لزيارة موقع الكاتب
www.najialghezi.com